إدمان الألعاب الإلكترونية…أين تنتهي المتعة ويبدأ الخطر؟

إدمان الألعاب مصطلح قد يتكرر على اسماعنا كثيراً حيث اصبحت الألعاب الإلكترونية ملاذ للكثيرين في زمن تدار فيه اللحظات بسرعة الشاشة، و يتقلص فيه حضورنا الفعلي امام اتساع حضورنا الرقمي، برزت الألعاب الالكترونية كاحد ابرز ملامح العصر الحديث لم تعد مجرد وسيله لتملئ الفراغ او لقتل الوقت بل اصبحت واقع يومي تقف عنده الاسر و تدور حوله النقاشات و تتاثر به العلاقات. لا تكمن المشكلة في الألعاب ذاتها، بل في المساحة التي بدأت تأخذها من وعينا، من تواصلنا، ومن توازننا اليومي. الألعاب الإلكترونية ليست عدوًا، لكنها لم تعد مجرد هواية أيضًا. بين طرفي النقيض تقف الحقيقة: الألعاب الإلكترونية أصبحت ظاهرة ثقافية ونفسية وسلوكية، تحتاج إلى قراءة متأنية وواعية. فهي مساحة للهروب المؤقت، للضحك، للانتصار، وأحيانًا… للنسيان. ولكن متى تتحول هذه المتعة إلى شيء آخر؟ متى تتحول اللعبة من تسلية بريئة إلى عادة تسيطر علينا وتسرق منا وقتنا، علاقاتنا، وأحيانًا صحتنا النفسية؟

الألعاب الإلكترونية… البداية البريئة

عندما دخلت الألعاب الإلكترونية إلى بيوتنا، لم تكن أكثر من وسيلة ترفيهية بسيطة. شاشة صغيرة، جرافيكس محدود، ومراحل محدودة. لكن شيئًا فشيئًا، تطورت هذه الألعاب لتصبح عوالم متكاملة، فيها القتال والتعاون، الإنجاز والإبداع، التحديات والمهام اليومية، والمكافآت. هذا التطور جذب ملايين اللاعبين حول العالم، وأصبح جزءًا أساسيًا من ثقافة الجيل الجديد. لكن هذا الانغماس أحيانًا قد يتجاوز كونه مجرد هواية، ويتحول إلى ارتباط نفسي وسلوكي يصعب التخلص منه.

ما هو الإدمان على الألعاب الإلكترونية؟

الإدمان على الألعاب لا يعني فقط اللعب لساعات طويلة. بل يعني الوصول إلى مرحلة لا يمكن فيها الاستغناء عن اللعبة، حتى لو تسببت في تأخير المهام، إهمال الدراسة، تراجع العلاقات الاجتماعية، أو حتى التأثير على الصحة. يصبح اللاعب في حالة ترقب دائم لموعد التحديث القادم، أو المهمة التالية، أو الجوائز اليومية. تصبح اللعبة مركز الحياة، وكل ما حولها مجرد فاصل مؤقت حتى يحين وقت العودة إليها.

كيف يبدأ الإدمان دون أن نشعر؟

الخطير في إدمان الألعاب أنه لا يبدأ فجأة. بل يتسلل بهدوء. يبدأ الأمر بلعبة واحدة تبدو ممتعة. ثم تتوالى الأيام ويبدأ الالتزام بمواعيد التحديات اليومية، ثم الرغبة في التميز والتفوق على الآخرين، ثم تظهر الرغبة في قضاء “وقت إضافي” لتحقيق إنجاز أو ترقية. ومع الوقت، يتحول اللعب من كونه نشاطًا ممتعًا إلى روتين إلزامي لا يمكن الاستغناء عنه، حتى على حساب النوم أو العلاقات أو الصحة النفسية.

هل الألعاب هي السبب أم طريقة استخدامها؟

هذا سؤال كثيرون يلومون الألعاب نفسها، لكن الحقيقة أن الألعاب ليست هي العدو. هناك ملايين الأشخاص يلعبون دون أن يتأثروا سلبيًا. المشكلة تكمن في الاستخدام غير الواعي، وعدم وجود توازن. الأمر يشبه تمامًا وسائل التواصل أو تناول الطعام: ليست المشكلة في الأداة نفسها، بل في كيفية التعامل معها. اللعب لساعتين بعد الدراسة أو العمل ليس إدمانًا، بل طريقة صحية لتخفيف الضغط. لكن اللعب عشر ساعات متواصلة ورفض الخروج من المنزل أو تجاهل المهام اليومية هو مؤشر خطير.

لماذا يعتبر الإدمان على الالعاب خطر حقيقي؟

لأن تأثيره يتجاوز الشاشة. إدمان الألعاب قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم، قلة الحركة، العزلة، التوتر، الشعور بالفراغ، وحتى الاكتئاب. كما أن الطفل أو الشاب المدمن على الألعاب يفقد قدرته على التفاعل الطبيعي مع الآخرين. يتأخر في الدراسة، تتأثر علاقاته العائلية، ويبدأ في الانسحاب من الحياة الواقعية. وفي بعض الحالات، قد يؤدي إلى سلوكيات عنيفة أو انفعالية إذا تم منعه من اللعب.

لعبة “عوايدك”: نموذج للتسلية الآمنة

في خضمّ هذا العالم الواسع من الألعاب، تبرز بعض النماذج التي تقدم الترفيه دون أن تستدرج اللاعب إلى الإدمان. من أبرز هذه النماذج لعبة “عوايدك”، وهي لعبة اجتماعية تعتمد على معرفة العادات الشخصية للأصدقاء، واختيار الشخص الذي يتوافق مع الصفة أو السلوك المعروض. اضغط هنا للوصول إلى اللعبة.

ما يميز “عوايدك” أنها لا تفرض على المستخدم دخولًا يوميًا أو التزامًا دائمًا، بل تتيح له حرية اللعب متى شاء، مع الحفاظ على جو من المرح والتواصل الحقيقي. إنها لعبة تدعو إلى التفاعل، وليس العزلة؛ وإلى الضحك، لا الانفصال عن الواقع.

هل هناك حلول؟ وهل من الممكن الاستمتاع بالألعاب دون السقوط في الفخ؟

بالتأكيد. السر يكمن في التوازن. الألعاب يمكن أن تكون مفيدة وممتعة حتى محفزة للإبداع والمهارات الذهنية، إذا تم التحكم في وقت اللعب. من الجيد أن نحدد وقتًا يوميًا للعب لا يتجاوز ساعتين، أن يكون اللعب بعد إنهاء المهام، أن نشارك الآخرين اللعب بدلًا من العزلة، وأن نختار ألعابًا تنمي مهاراتنا بدلًا من تلك التي تستهلك وقتنا بلا فائدة.

الأهل لهم دور مهم أيضًا. لا يجب أن يكون المنع هو الخيار الوحيد. بل الحوار، المراقبة الذكية، والمشاركة أحيانًا. كذلك، يجب أن نعلّم أطفالنا أن الإنجاز الحقيقي لا يكون فقط في مستوى اللعبة، بل في الحياة نفسها.